الفاشر تحت وطأة مواجهات “كسر عظم”…
تجدد الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الفاشر
تجددت الاشتباكات العنيفة يوم السبت بين الجيش السوداني وحلفائه من الجماعات المسلحة وقوات الدعم السريع في مدينة الفاشر بشمال دارفور، وفقًا لشهود عيان.
وذكر الشهود لقناة “إرم نيوز” أن القتال اشتعل منذ الصباح الباكر في المناطق الجنوبية والشرقية من المدينة، حيث تسعى قوات الدعم السريع للتقدم نحو مقر قيادة الجيش في الفرقة السادسة. كما أفادوا بسماع أصوات المدافع والانفجارات بشكل قوي في تلك المناطق، قبل أن تنخفض حدة الاشتباكات في وقت الظهر.
وفي السياق، أفادت مصادر ميدانية بأن المعارك تركزت بالقرب من مواقع الجيش في الفرقة السادسة مشاة، حيث تمكنت قوات الدعم السريع من التوغل في عمق السوق الكبير القريب من القيادة، بعد أن استولت على أحياء “برنجية” و”القاضي”، التي كانت تحت سيطرة مقاتلي الحركات المسلحة.
نشرت حسابات مرتبطة بقوات الدعم السريع على وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات تظهر تقدم الجنود في مناطق كانت تحت سيطرة الجيش والحركات المسلحة، كما أظهرت المقاطع الخنادق والدفاعات التي كانت تُعتبر حدود السيطرة.
من جهته، قال الرائد أحمد حسين مصطفى، المتحدث الرسمي باسم القوة المشتركة، في بيان صحفي، إن مقاتلي الجيش والقوة المشتركة للحركات المسلحة يشنون معركة شرسة ضد قوات الدعم السريع منذ الصباح الباكر.
تشهد مدينة الفاشر معارك عنيفة منذ يوم الجمعة بين الجيش السوداني وحلفائه من الحركات المسلحة من جهة، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى. ويصف المحللون هذه المعارك بأنها “معركة حاسمة”، حيث يتنافس كل طرف للهيمنة على المدينة الاستراتيجية. واعتبر بعض الخبراء أن السيطرة على الفاشر ستفتح المجال للتقدم نحو عمق معسكر الخصم، مما قد يؤدي إلى تصاعد حدة المعارك.
وضعت هذه المعركة وحدة الجيش السوداني في اختبار صعب، خاصة بعد اتهامات بالخيانة طالت ضباطًا رفيعي المستوى في قيادته بالفاشر، إثر قصف جوي غير دقيق على مقر الفرقة السادسة، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من الجنود. أدت هذه الأحداث إلى تصاعد التوترات داخل قيادة الجيش في الفاشر، ووقوع اشتباكات بين الضباط بعد اتهامهم بالمشاركة في الهجوم الجوي، مما دفع قائد الاستخبارات في المدينة للهروب خوفًا من التصفية.
في وقت سابق، اقترحت حركات مسلحة في إقليم دارفور انسحاب الجيش وقوات الدعم السريع من مدينة الفاشر، مع ترك إدارتها للأطراف المسلحة المحايدة، بهدف حماية المدنيين من تبعات الصراعات المسلحة. بينما وافقت قوات الدعم السريع على المبادرة، إلا أن الجيش رفض ذلك بعد تدخل حركتي “تحرير السودان” و”العدل والمساواة”، اللتين قررتا الانضمام إلى صفوف الجيش.
إذا تمكنت قوات الدعم السريع من حسم معركة الفاشر، فإن ذلك سيمكنها من السيطرة على الحدود مع ليبيا وتشاد في شمال غرب السودان. وأكد الخبراء أن قوات الدعم السريع تسيطر حاليًا على معظم الحدود الغربية مع تشاد، باستثناء معبر الطينة الذي لا يزال تحت سيطرة الجيش السوداني والحركات المسلحة المتحالفة معه.
تتواجد قوات الدعم السريع في الصحراء الكبرى المطلة على الحدود مع تشاد، بينما يسيطر الجيش والحركات المسلحة على معبر “المثلث” القريب من مدينة دنقلا في شمال السودان. ويُعتبر مثلث الحدود “السودانية – الليبية – المصرية” المدخل الوحيد القريب من حدود الدول الثلاث. كانت قوات الدعم السريع تحتفظ بأكبر قاعدة عسكرية في منطقة “كرب التوم”، لكنها انسحبت منها مع بداية النزاع الحالي.
إذا تمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة على المعبر الحدودي، فإن ولايتي الشمالية ونهر النيل ستكونان في نطاق استهدافها، مما يسهل السيطرة عليهما.