
وفاة الصحفي الكبير عمار أحمد ادم
متابعات _ موجز الأحداث _ توفي صباح اليوم في مدينة أم درمان الكاتب والصحفي السوداني المعروف عمار محمد آدم بعد معاناة قصيرة مع مرض حمى الضنك وأمراض أخرى ألمّت به في الفترة الأخيرة، حيث يُوارى جثمانه الثرى اليوم، ويُقام المأتم بمنزله في حي القادسية شرق النيل.
وعُرف الراحل عمار محمد آدم كأحد أبرز الصحفيين السودانيين المثيرين للجدل، إذ امتاز بكتاباته الجريئة ومواقفه المستقلة، كما كان من الشخصيات التي جمعت بين الانتماء للحركة الإسلامية سابقًا والنقد الشجاع لتجربتها لاحقًا، وهو ما أكسبه احترامًا واسعًا من مختلف الأطياف السياسية.
ظلّ عمار حتى أيامه الأخيرة يكتب ويتفاعل مع الشأن العام رغم المرض، وكان آخر ما دوّنه تعليقًا على أحداث الفاشر، حيث كتب:
> “الرعب الذي أدخله هؤلاء الوحوش في أحداث الفاشر جعلنا نفقد الإحساس بالحياة.. الحزن الجاثم على صدري يجعلني أصحو مذعوراً رغم مرض حمى الضنك الذي جعلني هيكلاً عظمياً، ولكنها الفاشر، لا أقوى على تحمل ما حدث”.
كما كان آخر مقال مطوّل نشره بعنوان “وداعاً أيها السودان القديم”، تناول فيه بالنقد الجريء الجيل السياسي القديم الذي وصفه بأنه “تربى في أحضان الاستعمار البريطاني المصري، واستأثر بخيرات البلاد على حساب الشعب”، ودعا إلى جيل جديد صادق وبلا ذاكرة مثقلة يعيد بناء السودان بروح جديدة خالية من إرث الأنانية والاستبداد.
وقال الصحفي د. إبراهيم الصديق في نعيه للراحل إن “عمار محمد آدم كان من الجيل الذي تشكّل بعد المصالحة الوطنية عام 1977م، ودرس بجامعة الخرطوم، وكان صادقاً جريئاً في التعبير عن آرائه، لا ينتمي إلا للحقيقة، ولا يمكن احتواؤه داخل منظومة سياسية ضيقة”. وأضاف:
> “غاب اليوم أيقونة المجالس والمشاهد والصحافة السودانية، فقد كان الراحل متدفقاً بالحكايات والروايات، وكان متن شارع الصحافة بكل ثقله واتجاهاته.”
ويُذكر أن عمار محمد آدم بدأ نشاطه السياسي في صفوف الحركة الإسلامية السودانية منذ أيام دراسته الجامعية، حيث عمل كادرًا خطابياً مميزًا، قبل أن يتفرغ لاحقًا للعمل الصحفي والكتابة الفكرية، مقدماً نقدًا ذاتيًا صريحًا لتجربته السابقة ومعتذرًا عن أخطاء المرحلة.
تميّز الراحل بأسلوبه اللغوي الرفيع وكتاباته التي جمعت بين التحليل العميق والدعابة السودانية الأصيلة، وكان من الأصوات التي دعت دائمًا إلى حرية الرأي وتجديد الفكر السياسي والديني في السودان.
برحيله، تفقد الساحة الصحفية قلمًا حرًا وصوتًا وطنيًا مستقلاً، ظل حتى لحظاته الأخيرة يؤمن بأن السودان – رغم أزماته – “بلدٌ قادر على النهوض من جديد ما دام أبناؤه مخلصين وصادقين مع أنفسهم”.
رحم الله الكاتب والصحفي عمار محمد آدم وأسكنه فسيح جناته، وألهم أسرته وزملاءه ومحبيه الصبر والسلوان.











