
رسالة وداع مؤلمة وجدت في جيب شاب سوداني غرق في البحر المتوسط
متابعات _ موجز الأحداث _ في مشهد يهزّ الوجدان ويعكس عمق المأساة الإنسانية التي يعيشها الشباب السوداني الهارب من ويلات الحرب والفقر، عُثر على رسالة وداع مؤلمة في جيب أحد اللاجئين السودانيين الذين غرقوا قبالة السواحل الليبية أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا.
الرسالة، التي لم يُعرف بعد كاتبها، كُتبت بخطٍّ بسيط على ورقةٍ ممزقة، تحمل بين سطورها وجع جيلٍ كاملٍ فقد الأمل في الحياة داخل وطنه. كلمات الشاب المهاجر، التي رافقها البحر في لحظاته الأخيرة، كانت أشبه باعترافٍ أخيرٍ أمام أمه، وأمام العالم الذي خذله.
يقول الشاب في رسالته:
> “أنا آسف يا أمي لأن السفينة غرقت بنا ولم أستطع الوصول إلى هناك، كما لن أتمكن من إرسال المبالغ التي استدنتها لكي أدفع أجر الرحلة. لا تحزني يا أمي إن لم يجدوا جثتي، فماذا ستفيدك الآن إلا تكاليف نقل وشحن ودفن وعزاء. كان لابد لي أن أسافر، كغيري من البشر.”
ثم يتابع بصوتٍ يقطّعه الألم:
> “كل أحلامي لم تكن كبيرة كالآخرين، كانت بحجم علبة دواء للقولون لك، وثمن تصليح أسنانك. أنا آسف يا حبيبتي لأنني بنيت لك بيتاً من الوهم، آسف يا أخي لأني لن أرسل لك الخمسين يورو التي وعدتك بها، آسف يا أختي لأن الهاتف الذي حلمتِ به سيبقى في قائمة الأمنيات.”
وفي مقطعٍ آخر، يوجّه كلماته إلى العالم المتمدن بمرارةٍ موجعة:
> “شكراً أيها البحر الذي استقبلنا بلا فيزا ولا جواز سفر. شكراً للأسماك التي ستتقاسم لحمي ولن تسألني عن ديني ولا انتمائي السياسي. شكراً لقنوات الأخبار التي ستتناقل خبر موتنا خمس دقائق كل ساعة لمدة يومين. أنا لست آسف لأنني غرقت.. فقد ارتحت وريحّت.”
الصحفيون الذين وثّقوا الحادثة وصفوا اللحظة بأنها “واحدة من أكثر المشاهد قسوة وإنسانية في آنٍ واحد”، إذ وجدوا الورقة مطوية بعناية في جيب قميص الشاب، بينما كان البحر قد استردّ أحلامه الصغيرة ودفنها في أعماقه.
حادثة الغرق التي وقعت قبالة السواحل الليبية، تُضاف إلى سلسلة طويلة من مآسي الهجرة غير النظامية التي تحصد أرواح السودانيين الفارين من الحرب والبطالة وضياع الأمل في وطنٍ ممزّق.
لكن هذه الرسالة — بخلاف آلاف القصص الصامتة — ستبقى شهادةً خالدة على وجع世ودانيٍ اختار أن يكتب وصيته الأخيرة للحياة، لا للبحر.











