عثمان ميرغني يكتب : مرحبا بالرئيس دونالد ترمب
متابعات موجز الأحداث
قبل أيام .. خلال الحملة الانتخابية الأمريكية كتبت في الفيسبوك (شهرا ما ليك فيه نفقة.. ما تعد أيامه).. والمعنى أن من ليس له رجاء في كسب مال خلال الشهر.. فلا داعي أن يرهق نفسه بحساب الأيام.. وأقصد بهذا أن لا يرهق السودانيون أنفسهم في البحث عن الفوارق بين كمالا هاريس و دونالد ترمب.. فليس في الأمر ما يهم السودان.
الآن انجلى غبار المعركة الانتخابية بـ”عودة ديجانقو” على اسم الفيلم الشهير.. عاد ترمب للبيت الأبيض يحمل بطاقة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية رقم 47..
و كأني به فارق البيت الأبيض أمس.. فهو لم يشأ أن يترك الأربع سنوات هانئة لخلفه بايدين.. فظل يطل عليه كالشبح بين الحين والآخر بمثل ما فعل القط عندما لم يستطع الدخول إلى قفص الدجاج فأدخل ذيله.
رغم أنني أشك أن يعرف ترمب أين السودان في الخارطة.. لكن التاريخ سجل له أنه الرئيس الأمريكي الذي في عهده صدر قرار اعتماد رفع المقاطعة الاقتصادية المضروبة على السودان منذ 1997.. ثم كان الهدف الذهبي عندما أخرج اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب وفتح آفاقا واسعة لعودة السودان إلى المجتمع الدولي و تطبيع العلاقات مع المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي ثم نادي باريس و اجراءات اعفاء السودان من غالبية الديون الثقيلة التي ظلت تكبل اقتصاده لعقود من الزمان.
صحيح أن الحوار السوداني الأمريكي بدأ في عهد الانقاذ مع ادارة الرئيس باراك أوباما بالمسارات الخمسة.. وتكلل بالنجاح في آخر أسبوع لرئاسة أوباما (يناير 2017) الذي أدخل الهدف في الدقيقة 90 قبيل مغادرة البيت الأبيض بأيام قلائل ووقع على القرار الذي انهى بموجبه المقاطعة الاقتصادية الأمريكية للسودان.. و لكن علق اكمال اعتماد القرار النهائي بحزمة اشتراطات تبرهن على حسن سير وسلوك السودان خلال ستة أشهر تنتهي في يونيو 2017، ورغم أن القرار النهائي تأجل إلى أكتوبر إلا أن ترمب أكمل اعتماد القرار و أنهى الحصار الأمريكي الاقتصادي على السودان.
و لأن ترمب في الأصل رجل أعمال تعود على المساومات المنتجة.. فقد استخدم توقيعه على قرار الخروج من قائمة الدول الراعية للارهاب في الدفع بالسودان للتوقيع على “الاتفاقية الابراهيمية” وتطبيع العلاقات مع اسرائيل.. ولتأكيد ذلك أجرى من البيت الأبيض محادثة هاتفية مشتركة مع البرهان وحمدوك ساعة التوقيع حتى يوثق القبول والايجاب.
بصورة عامة.. وبالحساب فإن عهد دونالد ترمب (2017-2021) كان الأفضل للسودان من سابقه باراك أوباما رغم محبة السودانيين للأخير على الأقل من باب الجذور الأفريقية.. ويشاء القدر أن يكون الحزب الجمهوري بصفة عامة صاحب العلامة الأعلى في القرارات لصالح الدولة السودانية.
الادارة الأمريكية في عهد كيلنتون – الحزب الديموقراطي- مارست ضغوطا كبيرة على السودان، و أعلنت سياسية “العزل والاحتواء” ثم أصدرت قرار الحصار الاقتصادي على السودان في 1997.. وضربت مصنع الشفاء في الخرطوم بحري بصواريخ توما هوك.. .
وفي ادارة الرئيس جورج بوش الابن –الحزب الجمهوري- استجاب للدراسة التي أعدها مركز الدراسات الاستراتيجية التي تدعو لتغيير السياسية الأمريكية تجاه السودان و معالجة حرب الجنوب بـ”نظامين في بلد واحد”.. ورعت أمريكا مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية و الحركة الشعبية بزعامة دكتور جون قرنق.. وكادت تنجح في وضع السودان على مسار الوحدة المستدامة لولا أن رعونة نظام البشير كانت كافية لتفسد كل تلك المجهودات.. وتفضي لانفصال جنوب السودان بعد فترة انتقالية اقرتها اتفاقية السلام الشامل الموقع بنيروبي 2005 بعد مفاوضات طويلة في نيفاشا.
كيف يستفيد السودان من ترمب.. ساعود لمناقشة ذلك.
صحيفة التيار