شهد إعلان بنك السودان المركزي طرح فئة ورقية نقدية جديدة (1000 جنيه) للتداول قريباً، جدلاً واسعاً ما بين مؤيد ومعارض وسط مخاوف من تزييفها في ظل الانفلات الأمني.
ووصف خبراء مال في حديثهم لـ”العربي الجديد” التوقيت بغير الملائم بسبب التسيب الأمني في البلاد، وعدم توفر التمويل اللازم للطباعة، بينما وصف البعض الآخر الخطوة بالمهمة رغم أنها متأخرة.
وأعلن محافظ البنك المركزي، برعي الصديق، ترتيبات لتغيير العملة ومعالجة الخلل في سعر الصرف، وإيجاد مصادر بديلة لتمويل العجز في الموازنة بعيداً عن الاستدانة من البنك المركزي.
وقال البنك في بيان، إن الهدف من طرح الفئة الجديدة “حماية العملة الوطنية وتحقيق استقرار في سعر ضرفها، ومواجهة الآثار السالبة للحرب الدائرة بالبلاد لا سيما عمليات النهب الواسعة التي قامت بها المليشيا المتمردة لمقار بنك السودان المركزي وشركة مطابع السودان للعملة في الخرطوم، وما نتج عن ذلك من انتشار كميات كبيرة من العملات مجهولة المصدر وغير المطابقة للمواصفات الفنية من فئتي 500 و1000 جنيه الأمر الذي أدى إلى زيادة مستوى السيولة النقدية بشكل واضح وكان له الأثر السالب على استقرار المستوى العام للأسعار”.
وقال المؤيدون للقرار لـ”العربي الجديد” إن البنك المركزي تأخر كثيراً في تغيير العملة، غير أنها خطوة مهمة لتدارك ما نُهب من أموال البنوك والمواطنين عبر قوات الدعم السريع منذ بدء الحرب.
وقال المحلل المصرفي لؤي عبد المنعم لـ”العربي الجديد” إن الوقت ملائم لتغيير العملة، في ظل اقتصاد الحرب، الذي يعيشه السودان، مشيراً إلى أن الأولوية للإنفاق العسكري والزراعي وشراء السلع الأساسية.
وأكد أن تغيير العملة يوقف التزوير ويجبر مليشيا الدعم السريع التي نهبت البنوك على التراجع باعتبار أن عناصرها يقاتلون من أجل الغنيمة والنقود.
تابع أن الواقع يقول إن المليشيا المتمردة ستسهدف مواقع جديدة لتعويض العملة التي يتم تغييرها وإيقاف التعامل بها.
وأوضح أن الحد من تزوير العملة لن تكون بالقدر ذاته والشمول كما لو كانت الظروف طبيعية. وقال إن الحاجة إلى تغيير العملة أو طرح فئات يمكن استبدالها بطرح منتجات مصرفية لتعزيز السيولة كالجنيه الذهبي الادخاري والذي ينحصر تداوله داخل المصارف والذي يساهم في حشد الموارد للتمويل والمحافظة على رؤوس أموال المواطنين والمشاريع الصغيرة والمتوسطة من التآكل والحد من الطلب على الدولار خارج الحاجة إلى الاستيراد.
وأكد المدير العام السابق للبنك الفرنسي عثمان التوم أن طرح عملة جديدة وسحب القديمة تدريجياً قد يساعد فى حصر العملة المزيفة إذا ارتبط ذلك بتاريخ محدد تكون بعده العملة القديمة بلا قيمة، وأن يكون التغيير عن طريق الإيداع فى الحسابات فقط وبعد التحري والتأكد من مصدر النقود.
وأشار التوم إلى جواز السحب نقداً فى حدود ضيقة مع تفعيل استخدام التطبيقات البنكية فى التعاملات بين عملاء البنوك. وقال إن الخطوة لا تضمن القضاء على التزييف، مشيراً إلى احتمالات تعرض الفئات الجديدة للتزييف أيضاً. وأوضح أن الحل الأمثل هو وضع خطة واضحة لاستبدال استخدام الكاش النقدي بالتطبيقات البنكية.
مطالب تغيير العملة في السودان
من جانبه، قال المحلل الإقتصادي كمال كرار لـ”العربي الجديد” إن إعلان البنك تغيير العملة في هذا التوقيت هو مداراة لفشله في كبح جماح التضخم وتدهور سعر الجنيه. ووصف البنك المركزي بأنه بات عملياً بلا صلاحيات فعلية، والجهاز المصرفي بغير المؤثر، إذ لم يعد للمؤسسة المالية القدرة السابقة نفسها على وضع أو متابعة السياسة النقدية اللازمة لحل مشكلات الاقتصاد، بما في ذلك التضخم واستقرار سعر الجنيه، أو ضمان أموال المودعين لدى البنوك التجارية.
وقال المدير العام السابق لمصرف الأسرة صالح جبريل لـ”العربي الجديد”: “لقد طالبنا بتغيير العملة منذ بداية الحرب بسبب نهب مليشيا الدعم السريع لأموال المواطنين والبنوك”.
وأضاف: “للأسف حتى نماذج عملتتا خارج السودان صارت في أياد غير أمينة ويمكن طباعتها وإغراق السوق بها، أو المضاربة بها في سوق العملة، ما يؤثر على سعر الدولار وزيادة التضخم”. ودعا جبريل البنك المركزي لتقييم إيجابيات الخطوة وسلبياتها قبل الشروع في عملية التغيير. وقال إن تغيير العملة يبطل النماذج الموجودة بالخارج من العملة السودانية، ويقطع الطريق على استغلال مليشيا الدعم السريع للأموال التي نهبتها. وأوضح أن المليشيا ستبدأ بتجفيف حساباتها في تطبيق “بنكك” ببنك الخرطوم في حسابات أخرى. كذلك، شدد على أهمية الحصول على قرض خارجي لتمويل الطباعة.
العربي الجديد