تستعد المحكمة الجنائية الدولية لعقد المرافعات الختامية في قضية علي عبد الرحمن، المعروف باسم “علي كوشيب”، المتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، وذلك في الفترة من 11 إلى 13 ديسمبر 2024. ومن المتوقع أن يصدر الحكم النهائي في هذه القضية بحلول عام 2025، في ظل تعقيدات قانونية ونقاشات حول الأدلة والشهادات. في دورة تدريبية إلكترونية نظمتها مكتب المدعي العام للصحفيين السودانيين في كمبالا يوم الجمعة الماضي، تم تسليط الضوء على جوانب متعددة من التعقيدات القانونية والإجرائية التي تواجه المحكمة الجنائية الدولية في قضية المدعي العام ضد علي عبد الرحمن. كما تم تناول موضوع جبر الضرر ونقص التعاون من حكومة السودان.
جدل حول هوية المتهم
لا تزال هوية علي كوشيب موضوع جدل واسع في المحكمة، حيث أثار فريق الدفاع العديد من الأسئلة حول صحة الاتهامات التي تربط موكلهم بهذا الاسم.أكد مستشار التعاون الدولي في مكتب المدعي العام، داهيرو سانت آنا، أن اسم “كوشيب” يتم استخدامه بشكل شائع داخل عائلة المتهم، حيث يشير أبناؤه إليه بهذا اللقب على منصات التواصل الاجتماعي. كما أوضح أن الأدلة والشهادات التي قدمها الادعاء تثبت تورطه في الجرائم المزعومة، معتمدة على هذا الاسم وربطه بالأحداث الإجرامية التي وقعت في دارفور.
ردود الدفاع
من جهة أخرى، رأى محامي الدفاع عن علي عبد الرحمن، سيريل لوتشي، أن الادعاء لم يتمكن من تقديم أدلة دامغة تثبت هوية موكله كـ”علي كوشيب”. وأكد أن المتهم كان يعمل كصيدلي وليس قائدًا عسكريًا أو عضوًا في الدفاع الشعبي كما ادعى الادعاء. وأشار إلى أنه قد يكون هناك احتمال أن يكون “علي كوشيب” شخصية مختلقة تم إنشاؤها لتشتيت الانتباه عن الأفراد المسؤولين الحقيقيين، أو أنه شخص آخر غير موكله. وأوضح لوتشي أن مكتب الادعاء قد وجه التهم لعلي عبد الرحمن تحت الاسم المستعار “علي كوشيب”، لكنه لم يتحقق من هويته بدقة. كما ذكر أن موكله في أول مثول له أمام المحكمة قبل ستة أعوام أفاد بأن اسمه الحقيقي هو علي عبد الرحمن وليس علي كوشيب. أشار إلى أن هيئة الدفاع قد طلبت منذ عام 2020 السجلات المدنية والجنائية والملفات العسكرية لموكله من الحكومة السودانية، لكنها لم تتجاوب حتى الآن، مما أثر بشكل سلبي على مجريات القضية. وأشار لوتشي إلى أن فريقه استمع إلى عدد من الشهود، بما في ذلك شهود من الادعاء، الذين أكدوا أن قبيلة التعايشة التي ينتمي إليها موكله لم تشارك في القتال خلال الفترة من 2003 إلى 2004. وأوضح أن موكله كان في عام 2006 يبلغ من العمر 75 عامًا، وليس في الثلاثينات كما يدعي الادعاء، مما يثير الشك حول الادعاءات المتعلقة بدوره الميداني في تلك الفترة.
كبش الفداء
اعتبر الدفاع أن موكله يعد “كبش فداء” للحكومة السودانية، وأبدى شكوكًا حول استقلالية مكتب الادعاء، مشيرًا إلى أنه لم يعمل بشكل مستقل بل استجاب لمطالب السلطات السودانية. وأوضح لوتشي أن القضية تواجه صعوبات قانونية كبيرة نتيجة لعدم تعاون الحكومة، وعدم قدرة فريق الدفاع أو الادعاء على دخول السودان لجمع الأدلة والتحقق من الهوية. تأثير غياب البشير وهارون في إجابته على سؤال من إذاعة دبنقا حول تأثير غياب المطلوبين مثل الرئيس السابق عمر البشير، ووزير الدولة السابق بالداخلية أحمد هارون، ووزير الدفاع الأسبق عبد الرحيم محمد حسين على قضية موكله، أشار لوتشي إلى أن الأمور قد تكون مختلفة لو تم القبض عليهم. وأكد أن العدالة تستوجب التعامل بشكل منصف مع موكله وضمان سير الإجراءات القانونية بشكل عادل. بينما أوضح مستشار التعاون الدولي أن المحكمة لازالت تطالب بتسليم البشير وهارون وحسين، وأنها قدمت هذا الطلب قبل انقلاب 25 أكتوبر 2021. ومع ذلك، أشار إلى أن التعاون مع الحكومة أصبح أكثر تعقيدًا منذ ذلك الانقلاب.
جبر الضرر
من جانبها، أكدت ناتالي فون، الممثلة القانونية للضحايا، أن الضحايا في انتظار تحقيق العدالة وتعويض الأضرار في حال إدانة كوشيب. وأوضحت أن مطالب الضحايا تشمل تعويضات مالية، ورعاية صحية، وتعليم. وأضافت أن الأدلة المقدمة ضد كوشيب قوية للغاية، لكنها لن تتفاجأ إذا حكمت المحكمة بالبراءة، مشيرة إلى أن القرار النهائي يعتمد على تقييم القضاة للأدلة.
صلاحيات المحكمة
وفيما يتعلق بصلاحيات المحكمة الجنائية، أشار المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية، فادي العبد الله، إلى أن الوضع في السودان يعتمد على قرارات مجلس الأمن وفقًا للفصل السابع، وذلك بسبب عدم كونه طرفًا في نظام روما الأساسي.أشار إلى أن المحكمة ليست لديها سلطات واسعة داخل السودان، ولا يمكنها توسيع نطاق اختصاصها إلا من خلال قرار جديد من مجلس الأمن أو بانضمام السودان إلى نظام روما. في رد العبدالله على سؤال لإذاعة دبنقا حول ما يمكن أن يحدث إذا لم تتعاون الحكومة، أشار إلى أن المحكمة الجنائية قد تلجأ إلى مجلس الأمن لاتخاذ الإجراءات المناسبة وضغوطات على الحكومة، لكنه أوضح أن القرار النهائي بشأن هذه الخطوات يعود إلى المدعي العام والقضاة.