
تقترب المعارك في العاصمة الخرطوم من القصر الرئاسي، بعد أن تمكن الجيش السوداني من عبور نهر النيل الأزرق والوصول إلى مقر القيادة العامة، ومن ثم التوسع غربًا نحو السوق العربي والوزارات السيادية. بالتزامن، أحرز الجيش تقدمًا واسعًا في الخرطوم بحري، مستعيدًا مواقع استراتيجية وسط انسحاب كبير لقوات الدعم السريع.
تقدم عسكري في قلب الخرطوم
أكد مصدر ميداني لـ”القدس العربي” أن الجيش سيطر على العديد من المباني المطلة على شارع المك نمر وشارع الجامعة، إضافة إلى استعادة مباني الشرطة الأمنية القريبة من المركز الثقافي الفرنسي. وأوضح أن القوات تتقدم نحو القصر الجمهوري من محورين رئيسيين: غربًا من المقرن وشرقًا من القيادة العامة، فيما لا تزال القوات المتجهة من سلاح المدرعات جنوبًا بحاجة إلى مزيد من الوقت للوصول إلى وسط المدينة.
توسّع السيطرة في الخرطوم بحري
في الخرطوم بحري، فرض الجيش سيطرته على مجمع الزرقاء للتصنيع الحربي، وأبراج الشرطة، ومستشفى البراحة في حي شمبات، ووحدة طبية تابعة للدعم السريع، بالإضافة إلى تحرير جامعة الزعيم الأزهري ومبنى وزارة التربية والتعليم. ومع تراجع الدعم السريع، انسحبت قواته إلى الأحياء القديمة مثل حلة حمد، وخوجلي، والدناقلة.
ووفقًا لمصادر عسكرية، فإن وصول الجيش من الحلفايا إلى سلاح الإشارة عبر شارع الإنقاذ جعل قوات الدعم السريع محاصرة بالكامل، مع صعوبة الهروب عبر جسر المك نمر أو نهر النيل نحو جزيرة توتي، نظرًا لانتشار الجيش في تلك المناطق واستمرار تحليق الطيران الحربي والمسيرات.
محاصرة قوات الدعم السريع في الخرطوم وتوقعات بانهيارها في دارفور
أكد الخبير العسكري معتصم عبدالقادر أن قوات الدعم السريع أصبحت شبه محاصرة داخل الخرطوم، مشيرًا إلى أن الجيش فرض كماشة عسكرية عبر محاور العيلفون، حطاب، والمقرن، مما جعل الدعم السريع في وضع دفاعي صعب.
وبين أن الجيش يمارس الآن عمليات تمشيط في أحياء العاصمة، ويستعد لمواجهة بقايا الدعم السريع في شمال ولاية الجزيرة، تمهيدًا للانتقال إلى ولايات كردفان ودارفور، حيث يُتوقع أن تكون المواجهات أقل تعقيدًا من حرب المدن في الخرطوم، نظرًا لطبيعة التضاريس المكشوفة التي تسهل العمليات الجوية.
انسحاب الدعم السريع إلى دارفور وتهديدات جديدة في الفاشر
أفادت مصادر محلية بانسحاب أعداد كبيرة من قوات الدعم السريع من شرق النيل وبعض مناطق الخرطوم، متجهين عبر جسر خزان جبل أولياء إلى أم درمان، ومن ثم إلى دارفور، برفقة عائلاتهم وكميات كبيرة من المنهوبات.
ورجح مراقبون أن يكون هذا الانسحاب هروبًا إلى الحواضن الاجتماعية وليس مناورة تكتيكية، خاصة بعد تخلي قيادات الدعم السريع عن عناصرهم، مما قد يدفع العديد منهم إلى الاندماج في مجتمعاتهم أو الفرار إلى دول الجوار.
المعارك القادمة: من الخرطوم إلى دارفور
مع استمرار الانسحاب من العاصمة، ازدادت المخاوف من أن تلجأ قوات الدعم السريع إلى شن هجمات على مدينة الفاشر، لكن الجيش بدأ بتوجيه جهوده الجوية نحو دارفور وكردفان، حيث تكبدت قوات الدعم السريع خسائر فادحة مؤخرًا، خاصة في منطقة خزان قولو، أحد مصادر المياه الرئيسية في الفاشر.
ويرى عبدالقادر أن الجيش السوداني بات في موقع قوة ميدانيًا، وأن المرحلة القادمة ستشهد عمليات موسعة لاستعادة السيطرة على المناطق الغربية، في ظل تراجع الروح المعنوية لقوات الدعم السريع وانهيار بنيتها القتالية.