المزيد من المشاركات
أيام قلائل و تنطلق امتحانات الشهادة الثانوية السودانية بعد غياب من آخر دورة في العام 2022.. كان يفترض أن تنعقد الدورة التالية في شهر أبريل 2023 لكن اندلاع الحرب في 15 أبريل أدى لتعليقها.
جدل محتدم يدور حاليا ممن يرون أن انعقاد امتحانات الشهادة الثانوية السودانية فيه ظلم لعشرات الآلاف من بناتنا وأولادنا في المناطق التي يتعذر أن يجلسوا للامتحان فيها.. وهي بالضرورة التي تقع تحت سيطرة التمرد.. أو حتى في المناطق الآمنة لكنهم يقيمون في أوضاع صعبة في مراكز الايواء مثل المدارس أو المخيمات أو حتى في الشوارع..
لكن في تقديري أن الأمر يجب أن ينظر إليه من زاوية أخرى.. غياب امتحان الشهادة الثانوية السودانية للعام الثالث على التوالي يعني عمليا تلاشيها تماماً.. كثيرون من الذين أصابهم اليأس من الجلوس للامتحان التمسوا البدائل في دول أخرى.. تشتت السودانيون في أرجاء الأرض يبحثون لأبنائهم عن دول مستقرة تقبل أن ينتظموا في مدارسها ويجلسوا لامتحاناتها وينالوا شهاداتها.. وهو خيار صعب ماليا ولوجستيا لكل أسرة اختارت هذا الحل الاضطراري.
ومع ذلك أجد في نفسي حسرة على أمرين:
الأول : لم يكن صائبا من الأصل تأجيل امتحان الشهادة للعام 2023.. صحيح أن الأحداث التي تعرضت لها البلاد هزت أجهزة الدولة واصابتها بصدمة عطلت كثيرا من دواوينها .. لكن الأمر كان مقدورا عليه بتأجيل ربما لآخر العام 2023.. أو حتى بجمع دورتين 23 و 24 في امتحان واحد على الموعد المعتاد كل عام وهو أبريل 2024 .
الثاني : وهو الأكثر مرارة.. نقدر الظرف الذي يحول دون جلوس كل بناتنا وأولادنا للامتحان هذا العام خاصة في المناطق الخاضعة للتمرد.. لكن بالضرورة يجب أن توجه الدولة خطابا خاصا لهم يطمأنهم أنهم سيجلسون للامتحان حال تبدل الظرف وعسى أن يكون قريبا.. أو اعلان أية خيارات أو بدائل أو حلول أخرى.. المهم أن يشعروا بأن الدولة تهتم لغيابهم وتتلمس السبل لحل المشكلة.. فالصمت هنا سيفسر بأسوأ الوجوه.
والمعلوم للجميع أن المشكلة ليست في امتحان الشهادة الثانوية السودانية وحدها.. بل في جميع مراحل التعليم العام والعالي.. عشرات الآلاف من الأطفال الذين بلغوا سن المدرسة لا يزالون في البيوت و قد تخطوا سن بداية المدرسة بثلاث سنوات.. و أضعافهم ممن هم في المدارس بمختلف مراحلها ولكنهم في البيوت أيضا بأمر وضع لا يعلم أحد متى ينقشع..
حتى طلاب التعليم العالي.. غالبيتهم محرمون من قاعات الدراسة ينتظرون مصيرا مجهولا..
واحد من أكثر وجوه الحـ؛رب اظلاما هو انطفاء أنوار التعليم..
التيار
