موجز الاحداث

محاولة اغتيـ.ـال البرهان.. ما هدفها؟ ومن وراءها؟

0

بعد يومين من عملية هجومية استهدفت مدينة الدامر بشمال السودان، أعلن الجيش السوداني، الأربعاء، عن سقوط 5 قتلى بهجوم طائرة مسيرة استهدفت فعالية عسكرية حضرها قائده، عبد الفتاح البرهان، بمدينة جبيت، شرقي البلاد.

وقال الجيش في بيان: “دمرنا مسيرتين معاديتين استهدفتا موقع احتفال بتخريج دفعات من الكليات الحربية والجوية والبحرية في جبيت بولاية البحر الأحمر”.

واستهدفت طائرتان هجوميتان، مساء الاثنين، مقرات حكومية بمدينة الدامر عاصمة ولاية نهر النيل، بشمال السودان، بينما استهدفت طائرة مسيرة ثالثة مقرا للجيش في ربك بولاية النيل الأبيض بجنوب السودان، في ذات التوقيت.

ولم يصدر من الناطق باسم الجيش اتهام مباشر لقوات الدعم السريع بالوقوف وراء الغارة الجوية في مدينة جبيت، كما لم يصدر تعليق من الناطق باسم قوات الدعم السريع عن الحادثة.

وتعليقا على الهجوم، قال البرهان “لا نخشى الطائرات المسيرة”، مشيرا خلال كلمة أمام عدد من منسوبي الجيش، عقب الحادثة، إلى أنه “لا مفاوضات مع قوات الدعم السريع”.

وأضاف “ندعو المبعوث الأممي الخاص للسودان، رمطان لعمامرة بعدم تبني أي رؤية لميليشيا الدعم السريع، وعلى السعودية والولايات المتحدة إذا كان لديها نية للمفاوضات، أن يجلسوا معنا لنسمع منهم ويسمعوا منا”.

واتهم قائد القوات البحرية السودانية السابق، الفريق فتح الرحمن محي الدين، قوات الدعم السريع بإطلاق المسيرة التي هاجمت الفعالية العسكرية في مدينة جبيت.

وقال محي الدين لموقع الحرة، إن “ميليشيا الدعم السريع تستعين بعدد من المرتزقة من سوريا وليبيا وتشاد والنيجر، بينهم متخصصون يستطيعون تسيير هذه المسيرات لتحقيق بعض أهدافها”.

وأشار إلى أن “قوات الدعم السريع تلجأ إلى مثل هذه العمليات الهجومية بالطائرات المسيرة أو عمليات برية أخرى، كلما لاحت في الأفق تحركات خارجية تدعو إلى مفاوضات بينها والجيش”.

وأضاف “تسعى ميليشيا الدعم السريع إلى الضغط على قادة الجيش من خلال هذه العمليات، لإجبارهم على القبول بالتفاوض، لعلمها أنها في طريقها إلى الزوال، وأنه لا مجال لبقائها، مع تمدد العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش للقضاء عليها”

وأشار قائد القوات البحرية السابق إلى أن “ميليشيا الدعم السريع درجت على مثل هذه العمليات أيضا لخلق رأي عام وسط السودانيين، يدعو قادة الجيش بالذهاب إلى المفاوضات”.
وكانت طائرات مسيرة استهدفت في 23 أبريل الماضي، مقر الجيش السوداني في مدينة شندي بولاية نهر النيل، بشمال السودان.

وقبلها بأيام، تحديدا في 9 أبريل، قصفت طائرات مسيرة، مقر جهاز الأمن والمخابرات بمدينة القضارف بشرق السودان، كما تعرض مقر الفرقة الثانية للجيش بمنطقة الفاو للقصف في ذات التوقيت.

وفي الثاني من أبريل، قُتل 12 شخصا وأصيب 30 آخرون بجروح في هجوم بطائرة مسيرة بمدينة عطبرة، بشمال السودان، إذ استهدف الهجوم إفطارا رمضانيا أقامته “كتيبة البراء بن مالك” التي تقاتل إلى جانب الجيش.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الطائرات المسيرة التي استهدفت تلك المدن.

وفي المقابل، نفى مستشار قائد قوات الدعم السريع، أيوب نهار، “أي علاقة لقوات الدعم السريع بهجمات الطائرة المسيرة التي استهدفت فعالية الجيش في مدينة جبيت”.

وقال نهار لموقع الحرة، إن “كل الدلائل تشير إلى أن الحركة الإسلامية المرجعية الدينية لنظام الرئيس السابق، عمر البشير، تقف وراء الطائرات المسيرة التي تستهدف بعض المدن السودانية الآمنة”.

وأشار إلى أن “هجمات الطائرات المسيرة تندرج ضمن الخلافات والصراعات بين قادة الجيش وبين عناصر النظام السابق، الذين يرفضون مقترح التفاوض لحل الأزمة السودانية”.

وأضاف “هذه الهجمات تتكرر مع كل دعوة تطلقها الوساطة لاستئناف المفاوضات، لأن نجاح التفاوض يعني نهاية عهد النظام السابق وبداية عهد ديمقراطي مدني جديد، يتم فيه تسليم المطلوبين منهم إلى المحكمة الجنائية الدولية”.

ولفت مستشار قائد قوات الدعم السريع إلى أن “هناك صراعا بين البرهان ومساعده ياسر العطا”، مشيرا إلى أن “محاولة اغتيال البرهان مرتبطة بالصراع بينه والعطا، الذي يسنده قادة النظام السابق، ويسعون لتقديمه كقائد بديل للبرهان”.

ومن جانبه، رفض محي الدين الاتهامات التي ساقها نهار، مؤكدا أنه “لا وجود لأي خلاف بين الجيش وبين “كتيبة البراء بن مالك”، أو المقاومة الشعبية أو الحركات المسلحة، مشيرا إلى أن “ميليشيا الدعم السريع درجت على ارتكاب الانتهاكات وإنكارها”.

وأضاف “تهدف ميليشيا الدعم السريع من العملية الهجومية الأخيرة لاغتيال البرهان، حتى ينفرط عقد الجيش، متناسية أنه مؤسسة قومية تُحكم بالتراتبية المنضبطة، وأنها لن تتأثر بغياب القائد، على عكس ميليشيا آل دقلو (حميدتي) التي تُحكم بواسطة أسرة واحدة”.
بدوره، يرى المحلل السياسي، محمد الأسباط، أن العملية الهجومية الجوية على فعالية الجيش في مدينة جبيت، “نقطة تحول في الصراع بالسودان”، لأنها المرة الأولى التي يتم فيها استهداف القائد العام للجيش، خلال تاريخ السودان الحديث.

وأشار إلى أن العملية كشفت عن أخطاء في مسألة التأمين والتخطيط والعمل الاستخباراتي والشأن الفني بالجيش، لافتا إلى أن “أصابع الاتهام يمكن أن تشير إلى وقوف قوات الدعم السريع وراء العملية”.

وأضاف: “صحيح أن بعض مستشاري قائد قوات الدعم السريع نفوا وجود أي علاقة لقواتهم بالعملية، لكن هذه عملية عسكرية وليست سياسية، والأوجب أن يتم النفي من خلال الناطق الرسمي، وهو ما لم يحدث”.

وشكك الأسباط في الحديث الذي يردده بعض قادة الدعم السريع، عن أن مكان الحادثة بعيد عن مواقع تمركز قواتهم، مما يعني عدم ضلوعها، مشيرا إلى أنه “من الممكن أن تنتقل قوات الدعم السريع، وهي قوات خفيفة الحركة، إلى موقع قريب وتطلق المسيرة ثم تغادر”.

ومع ذلك، نوّه إلى أنه “يمكن أن يكون لقادة النظام السابق الذين يرفضون التفاوض أيادي في العملية، خاصة أن وزارة الخارجية ألمحت إلى قبولها مفاوضات جنيف التي دعت لها الولايات المتحدة”.

وأضاف “ربما يخطط قادة النظام السابق لقطع الطريق أمام قادة الجيش، ولإجبارهم لإعلان موقف رافض للتفاوض”.
ومن جانبه، استعبد أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، عز الدين المنصور، أن تكون العملية الهجومية هدفها اغتيال البرهان، “لأن أي محاولة اغتيال تحتاج لتحديد إحداثيات دقيقة للمستهدف بالاغتيال”.

وقال المنصور لموقع الحرة، إن “مثل هذه الفعاليات يصعب فيها تحديد موقع البرهان، لأن الفعالية مخصصة لتخريج عدد من ضباط الكلية الحربية، مما يعني أن البرهان نادرا ما يستقر في مكان محدد، إذ أنه يتحرك بين المنصة وبين طابور التخريج”.

وأضاف “إذا أراد قادة النظام السابق اغتيال البرهان فهم أقدر على تحديد إحداثيات موقعه، إذ أن عددا من عناصرهم موجودون بالقرب منه في معظم تحركاته، وهو ما لا يتوافر لقوات الدعم السريع حاليا”.

ولفت المحلل السياسي إلى أن “كثيرا من الدلائل تشير إلى أن قوات الدعم السريع، تقف وراء العملية، لكنها ليست عملية مقصود منها اغتيال البرهان، وأنها تندرج في إطار هجمات الطائرات المسيرة التي تنفذها في عدد من المدن، من حين لآخر”.

ودعت الولايات المتحدة، الثلاثاء الماضي، الجيش وقوات الدعم السريع إلى محادثات سلام في 14 أغسطس المقبل في سويسرا بهدف إنهاء النزاع في السودان.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان إن المحادثات، التي ترعاها أيضا السعودية، ستضم الاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات والأمم المتحدة بصفة مراقب.

وأجبرت الحرب أكثر من 11 مليون شخص على النزوح داخل السودان وعبر الحدود، وفقا للأمم المتحدة، كما دمرت البنية التحتية، ودفعت البلاد إلى حافة المجاعة.

وذكر تقرير رعته الأمم المتحدة، نشر في نهاية يونيو، أن نحو 26 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكان السودان، يواجهون “انعداما حادا للأمن الغذائي”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.