حوار جميل مع الفنان عبدالله البعيو :التفاصل
حوار مع الفنان عبد الله البعيو: الحرب غيرت حياتنا وأحلامنا
أجرى الحوار: محمد جمال قندول
المصدر: جريدة “الكرامة”
في ظل الظروف القاسية التي تمر بها البلاد بسبب الحرب، يتحدث الفنان عبد الله البعيو عن تأثير هذه الأزمة على حياة الناس، حيث وصل الحال بالبعض للعمل في وظائف غير متوقعة؛ فطبيب يعمل كـ”جزار” ومهندس يبيع “الطعمية”. يعكس هذا الوضع المأساوي واقعًا مريرًا يعيشه المجتمع السوداني.
عبد الله البعيو، الذي فقد عازفًا في فرقته بسبب “دانة”، يعبر عن حزنه على زملائه الذين ماتوا، سواء استشهدوا في الحرب أو رحلوا حزنًا على الوطن. الحرب في نظره هي حرب عبثية تستهدف تفكيك السودان، وهو ما يراه سببًا في اندلاعها.
تجربة الحرب في الجنوب ودارفور
يتذكر البعيو مشاركته في حروب عديدة، منها حرب الجنوب ودارفور، حيث كان يساهم عبر الفن في دعم الجنود وتشجيعهم. “شاركت في الحرب كعسكري في سلاح الموسيقى، وكانت لي تجربة لا تُنسى في الجنوب، حيث غنيت لمدة 90 يومًا متواصلة”، يقول البعيو، ويضيف: “رغم قسوة تلك الحروب، فإن الحرب الحالية في السودان تختلف تمامًا، فهي حرب مدن تفتقر إلى أي نوع من الأخلاق، حيث يتجلى العنف والخيانة في أبشع صورهما”.
أسباب الحرب ودورها في تفكيك السودان
يؤكد عبد الله البعيو أن الحرب الحالية “مقصودة” لتفكيك السودان وتدمير ثرواته، مشيرًا إلى أن الخيانة لم تأتِ فقط من الخارج، بل حتى من الداخل، حيث تم تجنيد بعض المواطنين للإبلاغ عن جيرانهم وأقاربهم لصالح المتمردين.
الفن والحرب
رغم الظروف القاسية، لم يتوقف البعيو عن الإبداع الفني، فقد سجل قصيدة باسم “جندينا البطل” في القاهرة، إيمانًا منه بأهمية دعم الجيش السوداني في هذه الفترة العصيبة. ورغم أنه يشير إلى أن هناك فنانون قرروا التوقف عن الغناء بسبب الحرب، إلا أنه يرى أن الفن يمكن أن يكون وسيلة لإيصال رسائل الأمل والصمود للشعب.
الحياة بعد الحرب
الحرب لم تؤثر فقط على المجتمع بشكل عام، ولكنها غيرت أيضًا حياة الكثيرين. يتحدث البعيو عن صعوبة الحياة في ظل هذه الأوضاع، حيث يذكر أن زملاءً له في المهن الأكاديمية اضطروا للعمل في مهن بعيدة تمامًا عن تخصصاتهم. “أنا أعرف أطباء يعملون الآن جزارين، ومهندسين يعملون في بيع الطعمية. هذه بعض فواتير الحرب اللعينة”.
إحساس اللجوء والمعاناة
عن تجربة اللجوء، يصف البعيو الإحساس باللجوء بأنه “قاسٍ ومرير”، رغم أن الدول المجاورة قدمت الكثير من المساعدة، إلا أن الشعور بأنك لاجئ هو شعور يصعب تحمله. وفيما يتعلق بالمستقبل، يعبر البعيو عن تفاؤله رغم كل شيء، مؤكدًا أن “النصر قريب” وأن السودان سيستعيد عافيته يومًا ما.
نهاية الحرب والأمل
في ختام حديثه، يشير البعيو إلى ضرورة اليقظة من قبل المواطنين والدولة على حد سواء، مؤكدًا أن الحرب فرصة لمراجعة النفس وتصحيح المسار. “لا فوائد لهذه الحرب، لكننا تعلمنا الكثير عن أنفسنا وعن المجتمع”.