
ألقى السيد مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي خطاباً مُهماً أمس.. سبقه تنويه قبل يوم مما يشير الى الأهمية التي تعول عليهم من الجانب الرسمي لمضمون الخطاب.. و لكن في الخلاصة في تقديري لم يكن فيه مفاجأة.
أدرك كثيراً أن السيد النائب لديه رؤى مقتمة سياسياً عبر عنها في مناسبات مختلفة .. لكن في المقابل أجد نفسي مُقتنعاً أن هذه الرؤى قد لا تكون محل اتفاق فى المستوى السيادي الأعلى.. مما يُبطيء اعلانها أو أحيانا يتسبب في “تقسيطها” على دفعات بصورة تخل بتكوينها العام..
وصدق توقعي هذا عندما قرأت نص الخطاب أمس.. في خلف السطور محاولة لتقديم طرح سياسي يتجاوز أخطاء الماضي.. ولكن خلف ستار كثيف من الحذر من ردود الأفعال الجاهزة المُعلبة والتي تستعذب الاتهام والتخوين بل والابتزاز..
لكني – وبصراحة- لا أستطيع قراءة خطاب عقار بعيداً عن ما تشهده العاصمة الادارية -المؤقتة- حالياً من حجيج سياسي كبير.. فقد حانت لحظة دق الجرس في المزاد السياسي.. و تحديد الانصبة والاجابة على السؤال الدهري من يكسب كم؟
بدت خلف الأفق مشاورات يظنها البعض هذه المرة جادة لاختيار رئيس وزراء ثم حكومة و مناصب دستورية أخرى من بينها حكام الولايات.. وهنا بالتحديد يؤمن الساسة بمبدأ (الحشاش يملأ شبكته).. كيف؟ وعلى أي رؤية؟ ولماذا؟ هذه هي الأسئلة الحرام في ملعبنا السياسي.. المهم حساب الكراسي..
و مضطر – رغم ضجري من ذلك- أن استعيد العبارة التي كررتها كثيراً.. (جاكم كلامي).. منذ أول يوم من بداية حـرب 15 أبريل ظللت أكتب وأتحدث وأجادل و أقول أنه ما لم يتم ترسيم آفاق المستقبل القريب والبعيد.. قبل الخروج من النفق المظلم.. فسيكون صعبا للغاية احداث تغيير حقيقي يجب أن يكون واحد من أهم افرازات هذه الحرب.
بعبارة أخرى ليتحقق مبدأ أن الحروب عموما تنتج واقعا أفضل من ما كان قبلها بدلالات على ما أفرزته الحربين العالميتين الأولى و الثانية.. على المستوى الدولي وفي بعض الدول الرئيسية التي تدمرت تماماً لكن شهدت بعد ذلك نهضة كبرى جعلتها في صدارة العالم.. مثل كوريا الجنوبية.. فإن الواقع في السودان سيحتم الخسارة مرتين.. إن لم تشهد البلاد تغييراً هائلاً يصنع دولة جديدة على مفاهيم و رؤى و منصة جديدة.
الآن.. مما وضح من خطاب السيد عقار.. والمشهد السياسي العام.. الواضح نحن ما تجاوزنا الواقع السياسي القديم قيد انملة.. بنفس المسلك والعقلية ومنهج التفكير.. بل والأدهى غياب التركيز على صناعة مستقبل مشرق يعوض عن ماضي مؤلم..
التيار