
متابعات – موجز الأحداث – تواجه مدينة أم درمان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها، منذ اندلاع الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع.
فقد انقطعت مياه الشرب والكهرباء بالكامل لمدة أربعة أيام متتالية، مما أجبر الآلاف من سكان المدينة على الوقوف في طوابير طويلة أمام الآبار القديمة أو المخاطرة بحياتهم للوصول إلى نهر النيل لجلب الماء، وسط خطر مستمر من القذائف العشوائية التي لا تميز بين الأشخاص.
وصف أحد السكان الوضع قائلاً: “حياتنا أصبحت جحيماً لا ينتهي”، مؤكداً أن السكان مضطرون للانتظار لساعات طويلة أمام الآبار أو المجازفة بالنزول إلى النيل رغم القذائف التي تهددهم في كل لحظة.
أما على ضفاف النيل، فقد اشتدت الأزمة مع ظهور مواكب من الشاحنات والتكاتك والعربات التي تجرها الحيوانات، حيث يتسابق الجميع لجلب الماء، بينما تقبع العائلات تحت تهديد القذائف العشوائية التي أصبحت جزءاً من حياتهم اليومية.
بدأت الأزمة عندما استهدفت طائرات مسيرة تابعة لقوات الدعم السريع محطة كهرباء سد مروي، مما أدى إلى توقف محطة مياه المنارة التي تغذي معظم أحياء أم درمان، مما ضاعف من معاناة المدينة التي تستقبل أعداداً ضخمة من النازحين نتيجة للحرب المستمرة.
وقد أعلنت هيئة مياه الخرطوم عن تدابير طارئة لضخ المياه عبر التناكر وتشغيل الآبار، ولكن هذه الحلول المؤقتة لا تلبي احتياجات السكان الذين يطالبون بإيجاد حلول جذرية وفورية. وقال أحد المواطنين لـ”العربية.نت”: “يجب على الحكومة أن تجد حلولاً غير تقليدية، مثل استخدام ألواح الطاقة الشمسية لتشغيل محطة مياه المنارة”.
إلى جانب أزمة انقطاع المياه والكهرباء، ظهرت مشاكل أخرى تهدد حياة السكان. فقد توقفت بعض المخابز عن العمل بسبب انقطاع الكهرباء، وارتفعت أسعار الوقود بشكل كبير مما جعل من الصعب تشغيل المولدات. كما تسببت مشاكل الاتصال في عزلة المواطنين عن أسرهم، حيث توقفت خدمة شحن الهواتف لعدة أيام.
وأوضحت إحدى المواطنات أنها اضطرت للذهاب إلى مركز حكومي لاستخراج أوراق رسمية في محاولة لشحن هاتفها من خلال المولد الكهربائي المخصص للمكاتب الحكومية، في مشهد يبرز مدى عمق الأزمة.
في ظل تدهور الأوضاع، أصبحت “جيوش البعوض” جزءاً من المعاناة، حيث حولت الليالي إلى كابوس من لدغات الحشرات، ما جعل الحياة أشبه بصراع مستمر للبقاء.
وفي خضم هذه المآسي، لا يرى السكان أمامهم سوى الانتظار، في حين تعيش المدينة في أزمة إنسانية خانقة، تنتظر أي بارقة أمل قد تضع حداً لمعاناتهم.