اخبار

كواليس “ساعة الصفر”.. كيف فكّ الجيش حصار القيادة العامة وسط ذهول الدعم السريع؟

متابعات – موجز الأحداث

متابعات – موجز الأحداث – حقق الجيش السوداني تقدمًا عسكريًا مهمًا بفك الحصار المفروض على مقر قيادته العامة في الخرطوم منذ أكثر من عام ونصف، ثم بتحرير مصفاة النفط في الجيلي شمالي الخرطوم بحري، وهو ما اعتبره خبراء استراتيجيون لحظة حاسمة في الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023.

في الخامسة مساءً بتوقيت السودان، اكتملت خطة عسكرية محكمة مكنت الجيش من تنفيذ عملية التحام ثلاثي، حيث التقت قوات من قيادة الأسلحة بالكدرو، وقوات من وادي سيدنا شمال أم درمان، وقوات سلاح المهندسين بجنوب أم درمان، مع وحدات سلاح الإشارة في الخرطوم بحري، المتصلة بالقيادة العامة عبر جسر النيل الأزرق. تم التخطيط لهذه العملية بعناية فائقة، وكان الهدف الأساسي فك الطوق المفروض على مقر القيادة العامة منذ اليوم الأول للحرب، وإعادة تأمين مركز القرار العسكري والسيادي في البلاد.

عقب انتشار أنباء التحام الجيش في الخرطوم بحري، التزمت قوات الدعم السريع الصمت لبعض الوقت، قبل أن يصدر مستشار قائد الدعم السريع، الباشا طبيق، تغريدة وصف فيها هذه الأخبار بأنها “أكاذيب من نسج الفلول”. غير أن الجيش السوداني رد ببيان رسمي مقتضب، أكد فيه نجاح العملية، في انتظار خطاب مرتقب للقائد العام الفريق أول عبد الفتاح البرهان من داخل مقر القيادة العامة، فور استكمال الترتيبات الأمنية.

منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023، فرضت قوات الدعم السريع حصارًا محكمًا على مقر القيادة العامة، في محاولة للقبض على القائد العام عبد الفتاح البرهان أو إعلان انقلاب عسكري سريع من داخل مقر الجيش. غير أن المقاومة الشرسة من الحرس الجمهوري حالت دون تحقيق هذا الهدف، رغم سقوط العديد من القادة العسكريين خلال تلك الأيام الأولى. أُجبر الجيش خلال الحصار على استخدام الطائرات المسيّرة لإيصال الأدوية للمحاصرين، بينما تم إسقاط الإمدادات الغذائية جوًا، مما زاد من الضغوط اللوجستية على القيادة العسكرية.

بحسب مصادر عسكرية مطلعة، وضعت قيادة الجيش عدة خطط لفك الحصار، شملت التحرك عبر جسر شمبات شمال الخرطوم بحري، لكن تعرضه للتدمير في نوفمبر 2023 أوقف الخطة. كما تم التخطيط للتقدم عبر جسر الإنقاذ من أم درمان إلى الخرطوم، حيث نجحت القوات في اختراق الجبهة الشرقية، لكنها تراجعت إلى مواقع دفاعية. في النهاية، تم تنفيذ خطة الهجوم عبر جسر الحلفاية، حيث تمكنت قوات قادمة من وادي سيدنا من الالتحام بوحدات الكدرو وسلاح الإشارة، وصولًا إلى جسر النيل الأزرق الذي يربط بحري بالقيادة العامة. تمكنت قوات الجيش من السيطرة على المباني المرتفعة، وطرد القناصين، قبل التحام الوحدات بشكل كامل مساء السبت.

مع ارتفاع الروح المعنوية للجيش بعد فك الحصار عن القيادة العامة، تحولت الأنظار إلى مصفاة الجيلي، أكبر منشأة لتكرير النفط في السودان، والتي تمثل شريانًا حيويًا للاقتصاد. بدأ الجيش عملية عسكرية دقيقة مساء الجمعة، معتمدًا على التفوق الجوي والمدفعي، وانسحبت قوات الدعم السريع بعد ساعات من الإعلان عن فك الحصار عن القيادة العامة، مما سهّل استعادة السيطرة الكاملة على المصفاة صباح السبت.

يؤكد الخبير الاستراتيجي أسامة عيدروس أن استعادة القيادة العامة تعني أن الدعم السريع بات محاصرًا في جزر معزولة داخل الخرطوم، مما يجعل القضاء عليه مسألة وقت. وبحسب المقدم طيار المتقاعد علي ميرغني، فإن الجيش سيعمل الآن على توسيع مناطق سيطرته في بحري، مما قد يؤدي إلى انهيار الدفاعات الأخيرة للمليشيا داخل العاصمة.

التداعيات السياسية والعسكرية لهذا التقدم العسكري كبيرة، حيث يعزز موقف الجيش في أي مفاوضات مستقبلية، ويضعف الدعم الدولي لقوات الدعم السريع. كما أن السيطرة على الخرطوم تعني إمكانية توجيه العمليات نحو كردفان ودارفور، حيث لا تزال المليشيا تسيطر على بعض المناطق الاستراتيجية.

مع هذه التطورات، يبدو أن ميزان القوى في السودان بدأ يميل لصالح الجيش، وسط توقعات بتوسيع العمليات لاستعادة بقية مناطق الخرطوم وكردفان ودارفور. ويبقى السؤال الأهم: هل يقترب السودان من نهاية الحرب؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى