
تطورات مثيرة طائرة إماراتية تهبط في بورتسودان
متابعات _ موجز الأحداث _في تطور جديد على الساحة السياسية السودانية، هبطت طائرة شحن إماراتية ضخمة في مطار بورتسودان، محمّلة بمساعدات طبية، مما أثار تساؤلات واسعة حول طبيعة العلاقة بين حكومة الأمر الواقع في بورتسودان ودولة الإمارات، وذلك قبل أيام قليلة من انعقاد الجلسة الأولى لمحكمة العدل الدولية في لاهاي للنظر في الدعوى المقدمة ضد أبوظبي.
القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي، محمد ضياء الدين، سلط الضوء على هذه التطورات في مقال مثير تناول فيه أبعاد الدعوى القضائية التي رفعتها حكومة بورتسودان ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية، متهمةً إياها بدعم قوات الدعم السريع المتهمة بارتكاب جرائم ضد المدنيين في إقليم دارفور. ضياء الدين اعتبر أن هذه الخطوة تمثل تصعيدًا نوعيًا وتحولًا في أدوات المواجهة، حيث انتقلت الحكومة من الميدان العسكري إلى مساحات القانون والدبلوماسية الدولية في محاولة للضغط على داعمي الطرف الآخر في الحرب.
ورغم رمزية التحرك القانوني، أشار المقال إلى أن الدعوى تواجه تحديات كبيرة، إذ أن قرارات محكمة العدل الدولية لا تحوز على أدوات تنفيذ فعالة، حيث تُحال الأحكام إلى مجلس الأمن الذي قد تعرقل قراراته مصالح الدول دائمة العضوية وحق النقض “الفيتو”. إضافة إلى ذلك، تمر الدعوى بعدة مراحل معقدة، تبدأ بطلب التدابير المؤقتة، ثم النظر في اختصاص المحكمة، قبل مناقشة جوهر القضية، مما يجعل المسار طويلًا جدًا.
ما أثار استغراب المتابعين هو استقبال حكومة بورتسودان للطائرة الإماراتية المحمّلة بالمساعدات الطبية، رغم اتهامها لأبوظبي بدعم قوات ترتكب جرائم ضد المدنيين، ما ألقى بظلال من الشك على طبيعة الدعوى وأهدافها الحقيقية. هذا التناقض يفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة: كيف يمكن لحكومة تتهم الإمارات بالمشاركة في جرائم حرب أن تستقبل منها مساعدات وتستمر بالتعاون الأمني والدبلوماسي والتجاري معها؟
ضياء الدين لم يغفل الإشارة إلى تناقض موقف حكومة بورتسودان من العدالة الدولية، فهي ترفض التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وتتجاهل تنفيذ مذكرات اعتقال بحق مطلوبين، بينما تلجأ إلى محكمة العدل الدولية في مواجهة خصومها السياسيين. يرى الكاتب أن هذا التناقض يضعف من مصداقية التوجه القانوني للحكومة، ويُظهره كتكتيك سياسي أكثر من كونه تعبيرًا عن التزام حقيقي بمبادئ العدالة الدولية.
الدعوى التي رفعتها حكومة بورتسودان تستند إلى اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، في حين تستند الإمارات في دفاعها إلى تحفظات سابقة على بعض بنود هذه الاتفاقية، وهو ما يضيف مزيدًا من التعقيد القانوني والإجرائي على مسار التقاضي.
وفقًا لضياء الدين، فإن المؤشرات المتاحة لا تدل على أن الهدف الحقيقي من الدعوى هو إنهاء الحرب، بل هو محاولة لتعزيز شرعية حكومة بورتسودان دوليًا، واستخدام المحكمة كمنصة ضغط سياسية ضمن لعبة الصراع الإقليمي والدولي التي لم تتضح ملامح نهايتها بعد.
وفي ختام مقاله، رجّح ضياء الدين أن الدعوى ضد الإمارات لا تحمل طابعًا قانونيًا خالصًا، بل تُعد جزءًا من مناورة سياسية أوسع، تتشابك فيها الجغرافيا السياسية بالقانون الدولي، لتصبح ساحة جديدة من ساحات الصراع الإقليمي الذي يزداد تعقيدًا يوما بعد يوم.