تزايد المواجهات في الفاشر: دراسة لجدل السيناريوهات المتوقعة
تشير التقديرات إلى أن أهمية إقليم دارفور تنبع من كونه يمثل العمق الاستراتيجي للسودان على المستويين الداخلي والخارجي. يحد الإقليم أربع دول، مما يجعل السيطرة عليه تعني تحكمًا عسكريًا في خط الدفاع الغربي الأول لكافة مناطق السودان، بما في ذلك ولايات كردفان والشمالية ونهر النيل.
إلى جانب التعقيدات الإثنية والأمنية والسياسية المحيطة به، يُعد دارفور موطنًا لاحتياطيات هائلة من الموارد والثروات الطبيعية. تظل الأوضاع الأمنية المتوترة في الإقليم محور اهتمام دولي، خاصة مع القلق المتزايد من تزايد الهجرة غير النظامية وتهريب الأسلحة عبر الحدود التي تضم دولًا ضعيفة. وقد أفادت التقارير بوجود أكثر من 6 ملايين قطعة سلاح غير شرعية في المنطقة، والتي تستخدمها جماعات إرهابية خارج نطاق سيطرة الحكومات.
يتميز إقليم دارفور بأهميته الجيوسياسية نظرًا لمساحته الكبيرة وارتباطه بحدود مع أربع دول، إضافةً إلى كثافته السكانية والنشاط الاقتصادي الكبير. يمتد الإقليم على أكثر من ربع مساحة السودان، حيث تبلغ مساحته الإجمالية حوالي 493 ألف كيلومتر مربع، ويشكل سكانه نحو 17% من إجمالي سكان السودان، الذي يبلغ حوالي 48 مليون نسمة.
يحد الإقليم من الشمال الغربي ليبيا، ومن الغرب تشاد، ومن الجنوب الغربي جمهورية أفريقيا الوسطى، بالإضافة إلى دولة جنوب السودان. ستؤثر التطورات في دارفور بشكل كبير على الأوضاع الميدانية الداخلية، وكذلك على تشاد وليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى، وبدرجة أقل على جنوب السودان.
يؤكد محمد خليفة، أستاذ العلوم السياسية، على أن إقليم دارفور يحمل أهمية متعددة الأبعاد من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية. ويقول خليفة لموقع “سكاي نيوز عربية”: “إن تصاعد القتال في الفاشر يعكس جهود الأطراف المتنازعة للسيطرة على مناطق الإقليم من خلال مركزه الإداري والاقتصادي، مما يعزز وضعهم التفاوضي.”
يُشير المراقبون إلى أن استحواذ قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر سيمكنها من السيطرة على كامل الإقليم، مما يسهل تأمين الإمدادات العسكرية واللوجستية، ويعزز قدرتها على إرسال التعزيزات خارج الإقليم، بالإضافة إلى السيطرة على ولايتي كردفان والشمالية ونهر النيل.
في حال تمكن الجيش والحركات المتحالفة معه من السيطرة على المدينة، سيكون بإمكانهم استعادة مدن شمال دارفور والولايات الأربع الأخرى، مما يقطع مصادر الإمداد البشري واللوجستي للدعم السريع. كما ستتيح لهم هذه السيطرة التوجه شرقًا لتأمين ولايتي الشمالية ونهر النيل، وربما دعم الجيش في الخرطوم.
وفقًا للخبير الاقتصادي وائل فهمي، يُعتبر إقليم دارفور بموقعه الجغرافي الاستراتيجي حلقة وصل بين السودان وأسواق حيوية في أربع دول أفريقية تضم أكثر من 100 مليون نسمة. ويشير في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”: “إذا تم استغلال القوة السكانية والتجارية في الإقليم، يمكن أن يسهم بأكثر من 15% من الناتج المحلي الإجمالي للسودان.”
يمتلك الإقليم حوالي 20% من إجمالي الثروة الحيوانية في السودان، التي تُقدر بحوالي 130 مليون رأس. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي دارفور على احتياطات غنية من الثروات المعدنية، بما في ذلك الحديد والرصاص والغرانيت والكروم والنحاس والألمنيوم والرخام والنيكل واليورانيوم.